JIHAD .... HUKUM DAN HIKMAHNYA
oleh
Syeikh 'Atiyyah Saqar
Bekas Ketua Lajnah Fatwa Al-Azhar As-Syarief
Kaherah, Mesir

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الجهاد من الكلمات التى أُسىء استعمالها لعدم فهم معناها فهما صحيحا ، فالجهاد مأخوذ من الجَهْد وهو التعب ، أو الجُهد وهو القوة، فالمجاهد يبذل جُهْدا يحس فيه بِجَهْد ، أي يبذل قوة يحس فيها بتعب ، ومعنى الجهاد بذل الجهد لنيل مرغوب فيه أو دفع مرغوب عنه ، يعنى لجلب نفع أو منع ضر، وهو يكون بأية وسيلة وفى أى ميدان حسى أو معنوى ، ومنه جهاد النفس والشيطان وجهاد الفقر والجهل والمرض وجهاد البشر.‏

والنصوص فى ذلك كثيرة ، وجهاد البشر يكون بدفع الصائل المعتدى على النفس أو المال أو العرض ، والميت فى هذا الجهاد شهيد كما صح فى الحديث ، كما يكون الجهاد عند الاعتداء على الأوطان والحرمات ، أو الوقوف ضد الدعوة إلى الخير.‏

والجهاد فى سبيل اللّه عرف فى الشرع بما يرادف الحرب لإعلاء كلمة اللَّه ، ووسيلته حمل السلاح وما يساعد عليه ويتصل به من إعداد وتمويل وتخطيط ، ويشترك فيه عدد كبير من الناس ، من زراع وصناع وتجار وأطباء ومهندسين وعمال ورجال أمن ودعاة وكُتَّاب ، وكل من يسهم فى المعركة من قريب أو بعيد .

وكان هذا الجهاد هو الشغل الشاغل للمسلمين فى بدء تكوين المجتمع الإسلامى وأكثر آيات القراَن وأكثر الأحاديث كانت للأمر به والتشجيع عليه :‏ {‏ انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل اللَّه }‏ التوبة :‏ ‏41، وهو فرض عين على كل قادر عليه إن أغار علينا العدو، وفرض كفاية إن لم تكن إغارة علينا ، وإذا استنفر الإمام القوة وجب الخروج ، لقوله تعالى :‏ {‏ يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل اللّه اثاقلتم إلى الأرض .‏ .‏ .‏ }‏ التوبة :‏ ‏38، وحديث البخارى ومسلم " وإذا استنفرتم فانفروا "

لقد كان هناك انتقال بالدعوة لنشرها فى ربوع العالم حيث يقوم بذلك جماعة من القادرين نيابة عن غيرهم ما دامت فيهم كفاية ، وكل مسلم يجب أن يكون مستعدًّا لإجابة الداعى إلى الجهاد ، وعليهم جميعا أن يكونوا على أقصى درجات الاستعداد {‏ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة .‏ .‏ .‏ .‏ }‏ الأنفال :‏ ‏60 ، .‏

لكن :‏ هل حمل السلاح هو الوسيلة الوحيدة لنشر الدعوة؟ إن مهمة حمل السلاح كانت لغرضين أساسيين ، أولهما رد العدوان الواقع أو المنتظر، والثانى تأمين طريق الدعوة .‏ ورَدُ العدوان ظهر فى غزوات بدر وأحد والخندق وغيرها ، وكان عدوانا حقيقيا واقعا ، ومنه إغاثة المظلومين :‏ {‏ وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر.‏ .‏ .‏
}‏ الأنفال :‏ ‏72 ، أما رد العدوان المنتظر فكان فى فتح مكة حيث نقضت قريش عهدها الذى أبرمته مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديبية ، وفى غزوة تبوك وغيرها .‏
وتأمين الطريق كان فى تحرك المسلمين خارج حدود المدينة لنشر الدعوة فى أنحاء العالم ، لأنها دعوة عالمية للناس جميعا .‏

إن الإسلام إذا كان قد فرض القتال ، والرسول عليه الصلاة والسلام إذا أخبر أنه بعث بالسيف ، وجُعل رزقه تحت ظل رمحه ، كما رواه أحمد عن ابن عمر، فإن الواجب أن نفهم أن الإسلام أمر بالقوة ، بل دعا إلى أن يكونوا فى أعلى درجاتها ، والسبب فى ذلك أن الإسلام قوة جديدة فالمنتظر أن تحاربها القوات القائمة إذ ذاك حتى لا تزاحمها فى سلطانها ، وذلك شأن الناس فى كل العصور، فلا بد من الدفاع عن الكيان الجديد ليثبت وجوده ويؤدى رسالته ، ولو أن الإسلام كان دعوة محلية أو مؤقتة لكانت مهمة التسلح هى من أجل الدفاع ، لكنه دعوة عالمية لابد أن تبلغ للعالم كله ، والوسيلة إذ ذاك هى السفر والضرب فى الأرض ، والسفر كان وما يزال تحفُّه المخاطر، فكان لا بد من التسلح حتى لا يقف الأعداء فى طريق الدعوة .‏

وإذا كان السيف لابد منه لتأمين طريق الدعوة فى الماضى ، فإنه فى هذه الأيام لا مهمة له إلا الدفاع ضد من يريدون شرًّا بالإسلام وأهله ، أما نشره فله عدة وسائل لا تحتاج إلى سفر ولا تخشى معه مخاطر لطريق ، فالصحف والمكاتبات وما إليها أصبحت تتخطى الحدود ، ولئن أمكن التحكم فيها إلى حد ما ، فإن الإذاعات اليوم أصبحت من القوة والانتشار، بحيث لاحقت الناس وهم في بيوتهم وعلى أسِرّةِ نومهم لا تمنعها سلطة ولا تقف دونها حدود ولا أبواب .‏ هذا ، وما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل مكة قبل الهجرة " أما والذى نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح " كما رواه الطبرانى-‏ فهو حديث ضعيف يرده العقل والنقل ، أما الأول فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يصرح بذلك فى بدء الدعوة وهو منفر لها لا مرغب فيها ؟ وكيف يقوله وهو ضعيف لا يستطيع حماية نفسه فضلا عن حمايته لأتباعه القلة ؟ ولماذا تركته قريش وهم يعلمون ما جاء به من الذبح ليحقق ما يريد، ولم يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم ؟ وأما الثانى فلمنافاته لآية {‏ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }‏ الأنبياء :‏ ‏107 ، وحديث " إنما أنا رحمة مهداة" رواه الحاكم والطبرانى ، وما يماثله من نصوص وأحداث تدل على رقة قلبه وعظيم رحمته .‏ ولو كان النبى صلى الله عليه وسلم متعطشا للدماء ، وبخاصة من قريش ما عفا عنهم عند فتح مكة وهو القادر على الانتقام منهم ، كما أن الحديث لا يراد به قهرهم على الإسلام فهو يتنافى مع طبيعة الدعوة.‏ ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم الذى رواه أحمد بسند صحيح " جُعل رزقى تحت ظل رمحى" أن رزقه من الغنائم التى يحصل عليها المسلمون من الحروب التى كان يباشر أكثرها بنفسه ، وكفاية رئيس الدولة توفر من الخرينة العامة بمواردها المتعددة ، ومنها الغنائم ، وهو مبدأ إسلامى أقره الصحابة لأبى بكر وعمر والخلفاء .‏

إن الفهم السطحى لمشروعية القتال بالآيات والآحاديث ربما يوحى بأن الإسلام قد انتشر بقوة السلاح ، ولولا ذلك ما كان له وجود أو ما كان بهذه المساحة الكبيرة من الأرض ، أو من نفوس الناس ، وكيف يقال ذلك والإسلام دين الرحمة كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، وهو الذى قال {‏ ادخلوا فى السلم كافة }‏ البقرة :‏ ‏208 ، {‏ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على اللَّه }‏ الأنفال :‏ ‏61 ، " لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللّه العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " رواه البخارى ومسلم .‏

إن الدعوة الإسلامية للعرض لا للفرض ، فما كانت العقائد تغرس بالإكراه أبدا ، لا فى القديم ولا فى الحديث ، واللّه يقول عن نوح {‏أنلزمكموها وأنتم لها كارهون }‏ هود :‏ ‏28، ويقول لمحمد عليه الصلاة والسلام {‏ أفأنت تُكره الناس حتى
يكونوا مؤمنين }‏ يونس :‏ ‏99 ، إلى غير ذلك من النصوص .

‏ وعندما أرسل النبى صلى الله عليه وسلم عليًّا لقتال يهود خيبر قال :‏ أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ يعنى أرغمهم على الإسلام ، فقال له " انفذ على رِسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإِسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق اللَّه فيه ، فواللَّه لأن يهدى اُللّه بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَم " رواه مسلم .‏

وإذا جاءت نصوص تدل بظاهرها على الأمر المطلق بالقتال فهناك نصوص أخرى تقيدها بما إذا كان ذلك ردًّا لعدوان وقع ، أو جزاء على نكث العهد ، أو منعا لعدوان سيحدث ، قال تعالى {‏ وقاتلوا فى سبيل اللَّه الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا }‏ البقرة :‏ ‏190 ، وقال تعالى {‏وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر }‏ التوبة :‏ ‏14 ، فيُقَيَّدُ بذلك قوله تعالى {‏ وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}‏ التوبة :‏ ‏36 ، وقوله {‏واقتلوهم حيث ثقفتموهم }‏ البقرة :‏ ‏191، {‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}‏ البقرة :‏ ‏193 ، .‏

ولو جاءت نصوص تفيد فى ظاهرها أن القتال لأجل الإِسلام فالمراد أن القتال ينتهى لو أعلن الناس ، الإِسلام ، ويسر خوض المعركة أساسا من أجل أن يسلموا ، وذلك مثل حديث " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه ، فاذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللَّه " رواه البخارى ومسلم ، وكذلك قوله تعالى :‏ {‏قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم اللَّه ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية .‏ .‏ .‏ }‏ التوبة :‏ ‏29 ، فلم يكن أخذ الجزية باعثا على القتال ولكن كان غاية ينتهى عندها إذا دفعوها ، ويؤكد أن الغرض من القتال ليس مادة أن أبا عبيدة ردَّ على أهل المدن ما أخذه منهم جزية حين استدعوا إلى مقابلة الروم فى اليرموك ، لأنها كانت فى مقابل حمايتهم ، وحيث إنهم تخلوا عنها فلامعنى لبقائها فى حوزتهم كما ذكره أبو يوسف فى كتابه " الخراج " .

هذا ، ولعل الذين ينادون بالجهاد عن طريق حمل السلاح يقصدون الجهاد لتغيير الوضع الحالى للمجتمعات الإِسلامية ، وقد قلنا :‏ إن وسيلة الإِصلاح لن تؤمن عاقبتها إذا كانت قائمة على العنف ، فإن للقوة إعدادها وتخطيطها الكبير الجبار، وكذلك لدراسة كل الظروف القائمة أهميتها فى القيام بمثل هذه الحركة ، ولا يجوز أن يفهم من هذا أننا نهوشّ من شأن الجهاد بمعناه العام ، فإنه ماض إلى يوم القيامة فى ميادينه الواسعة وبأساليبه المتعددة ، لحديث " والجهاد ماض مذ بعثنى اللّه إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال ، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل " رواه أبو داود، فإنه يدل بعمومه على بقاء الجهاد فى الميادين السلمية ، ويدخل فيه الجهاد المسلح دخولا أوليا ، وقد يرشح دلالته عليه بخاصة ذكر فتال الدجال بعد .‏
وإذا كان الجهاد مفروضا بالسلاح لتأمين طريق الدعوة والدفاع عن الحرمات ، فذلك واضح فى الجهاد ضد الكفار، أما الجهاد بين الدول الإِسلامية فلا يجوز مطلقا أن يكون للعدوان على الحقوق ، بل لرد العدوان ، ولا يلجأ إليه إلا إذا فشلت كل الطرق السلمية ، على حد قوله تعالى :‏ {‏ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر اللّه .‏ .‏ .‏ }‏ الحجرات :‏ ‏9 ، وفى الدفاع يقول الحديث " من قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد .‏ " رواه أبو داود ، ويُحَذر من العدوان على الأفراد أو الجماعات أو الدول بين المسلمين فيقول " إخا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار " قيل :‏ يا رسول اللّه هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال " كان حريصا على قتل صاحبه " رواه البخارى ومسلم .‏
والله أعلم

Sumber : Islam-Online, Qatar

 

Hakcipta © Mazuki Izani El-Besuty (5 April 2002)

[Home]